كتاب جديد أصدره الكاتب الصحفى سعيد شعيب مدير تحرير اليوم السابع السابق، بعنوان "كيف تصبح صحفياً ناجحاً.. كيف تربح من الصحافة الإلكترونية"، يسد به فراغا كبيرا فى مكتبتنا وفى مجال الإعلام، حيث يعد واحدا من كتب نادرة ترشد الصحفيين إلى كيفية إدارة مصادرهم من خلال التخطيط اليومى لإنتاج الأفكار بمهنية عالية لخدمة القارئ.
ويأخذ، شعيب، القارئ إلى المطبخ الصحفى، فاتحا الباب، من خلال فصول كتابه، أمام طلاب كليات الإعلام وراغبى العمل بالصحافة، والصحفيين المبتدئين والمحترفين، على حد سواء، للتعرف على أسهل السبل لتنمية مهاراتهم وقدراتهم وأفكارهم، لإنتاج "ماكينة أفكار يومية" تمكنهم من أداء مهام عملهم بمهنية وحرفية كبيرين.
ولا يخاطب، شعيب من خلال كتابه المهم فى المكتبة الإعلامية، المتخصصين فى الإعلام فقط، وإنما يمكن القراء غير المتخصصين، من التعرف على المطبخ الصحفى، وكيف تنتج الأفكار من داخل صالة التحرير وكيفية تطويرها.
وفسر "شعيب"، سبب إصدار هذا الكتاب، قائلا "حيرتى فى بداية حياتى الصحفية ماذا سأفعل اليوم، كيف سأحصل على الأخبار، من أين سوف أحصل عليها، ماذا لو المصدر ليس لديه أخبار "النهارده"، ماذا سأقدم من أخبار فى أيام الإجازات والأعياد، كيف أنجز حواراً وتحقيقاً لامعاً، كيف يمكننى إنتاج أفكار أقدمها لرئيسى حتى لا يوبخنى".
وأضاف شعيب فى مقدمة كتابه، أن هذه الحيرة اليومية واجهته وواجهت تقريباً كل زملائه فى بداياتهم، وأن الحيرة تكون أكبر وأصعب عندما يتولى الصحفى موقعاً قيادياً، قائلا: "فى هذه الحالة أنك لست مطالباً فقط بالصراخ فى مرؤوسيك من الصحفيين "فين الشغل، فين الأفكار؟"، ولكنك مطالب بما هو أهم، وهو تمكينهم من الأدوات تجعلهم يحصلون على "الشغل والأفكار"، بمعنى أكثر وضوحاً ما هى الطرق التى يحصلون بها على المنتج الذى تريده".
وتابع الكاتب الصحفى، فى كتابه المنشور عن دار "أوراق" ومركز الصحفيون المتحدون، أنه لن ينفع فى هذا السياق الطريقة التقليدية، وهى الاعتماد على فكرة تقفز إلى رأسك فجأة، فهذا وحده لا يكفى لكى يقدم الصحفى منتجاً إخبارياً متميزا فى مواعيد ثابتة، فسواءً كانت الوسيلة الصحفية والإعلامية ( جريدة – موقع إخبارى إلكترونى – مجلة أسبوعية – محطة إذاعة – محطة تليفزيونية) ففى النهاية لابد أن تقدم لزبونها مواد صحفية فى مواعيد محددة، وبالتالى الاعتماد على الأفكار التى تهبط من السماء فجأة مسألة مدمرة وفاشلة.
وأردف سعيد شعيب، "هذه الخبرات التى كونتها على امتداد سنوات طويلة، خاصة تجربة اليوم السابع، ساعدنى فى تطويرها وتجربة مدى صحتها قرارى بالحصول على إجازة طويلة من موقع اليوم السابع الذى كنت مديراً لتحريره، فقد أتاح لى ذلك الوقت لكى أبلور الخبرة المهنية التى كونتها من قبل، ومكننى من تجربتها فى تدريب عدد كبير من الصحفيين، وهؤلاء كان لهم الفضل فى أن اختبر طرق الإنتاج الصحفى التى كنت أعمل بها، وهذا مكننى من تطوير هذه الأدوات والخبرات بما يجعلها سهلة وعملية جداً وليس فيها أى تنظير من أى نوع".
وأضاف شعيب، فى مقدمته، أنه لابد من ذكر تجربة اليوم السابع بكل امتنان لأسباب كثيرة، أولها أنه بنى مع صديقه العزيز خالد صلاح صالة التحرير، أى لم يكن هناك فصل ما بين الصحفيين فى الموقع الإلكترونى الإخبارى، ولكنهم ذات الصحفيين وذات رؤساء الأقسام والفصل فقط فى مديرى التحرير وفى الأقسام النوعية الخاصة بكل من الموقع والجريدة، منها مثلاً البرمجة والأبلود ووحدة تنفيذ الجريدة التى كانت وقتها أسبوعية.
وتابع شعيب، راوياً عن تجربته فى اليوم السابع، "فى هذه التجربة الرائدة اعتمدنا مبدأ التجربة ونخلص منها إلى الصح والخطأ، فعلى سبيل المثال تم تأسيس قسم "in take “ وكان الهدف منه تلقى المواد العاجلة من الصحفيين فى كل الأقسام لنشرها بسرعة على الموقع، لكن اكتشفنا أن الأفضل هو أن يكون لكل قسم " in take “ خاص به، واجهتنا مشكلة أنه لا توجد أخبار لنشرها فى الإلكترونى، فكان الحل فى وجود تصريحات إخبارية "عشان متتحرقش" ويمكن نشرها فى أى وقت، اخترعنا الخريطة الزمنية للتغيير على الموقع حتى ننظم الضخ إلا فى الحالات الاستثنائية.. وهكذا".
وتابع شعيب، أن هذه الخبرة الكبيرة طورها من خلال التدريب عبر أنشطة مركز صحفيون متحدون وعبر التدريس فى الجامعة الكندية لفصل دراسى كامل، وبذلك تمكن من تطوير الكيفية التى يمكن بها نقل الخبرات فى الإدارة وفى جودة المحتوى الصحفى، قائلا: "هذا لا يعنى أن ما سوف تقرأه بالضرورة صحيحاً، فدائماً كنت أقول لزملائى فى أى تدريب ليس المهم أن تفعل ما أقوله وتقلدنى، ولكن الأهم هو أن تتمكن من معرفة أسلوب التفكير الذى أنتج هذه الأساليب، وبالتالى يمنكك إنتاج أساليب وطرق أخرى أفضل منى، فكما يقول المثل الصينى لا تعطنى سمكة ولكن علمنى كيف اصطاد".
وأكد الكاتب الصحفى سعيد شعيب، فى مقدمة كتابه "كيف تصبح صحفيا ناجحا"، أنه صدر له من قبل عدد من الكتب، ولكن هذا الكتاب كان الأكثر إمتاعاً له، والأكثر أهمية بالنسبة له فى حياته المهنية، فقد كان أحد أحلامه منذ سنوات طويلة أن يضع فى كتاب سهل وبسيط الخبرة التى تمكن من تحصيلها طوال أكثر من ثلاثين عاماً، ووضعها بشكل بسيط وسهل أمام الصحفيين.
ويتابع شعيب: "الحقيقة إن المكتبة المصرية مليئة بعديد من الكتب الهامة التى تؤرخ بكفاءة للتاريخ السياسى للصحافة، ولكنها تكاد تخلو من التوثيق والتأريخ المهنى رغم أهميته القصوى، الكتاب الوحيد الذى صادفته يحاول توثيق ذلك، هو كتاب الصديق الأستاذ علاء عبد الهادى "كنوز صحفية" وهى توثيق رفيع المستوى لاجتماعات مجالس التحرير للأستاذ مصطفى أمين، وهو فى الحقيقة ثروة، لأننا يمكن أن نعرف بسهولة كيف كانت تم صناعة الأخبار والتحقيقات والانفرادات وغيرها".
وقال شعيب، "للأسف نحن لا يمكننا معرفة الطريقة التى كانت ينتج بها محمد التابعى الأخبار، وكيف كان ينتج إحسان عبد القدوس التحقيقات، ولا الكيفية التى كان بها يتم إنتاج المواد الصحفية فى مؤسسة دار الهلال أو الأهرام قبل وبعد هيكل، وصحيح أن لدينا أساتذة إعلام عظام ولكن معظمهم فى الحقيقة بذلوا الجهد الأكبر فى الدراسات النظرية، وهى على أهميتها لا تكفى وحدها لتمكين الصحفى من العمل بكفاءة على الأرض، كما أن قليلاً منهم كان له فرصة العمل الأكاديمى وفى ذات الوقت التجربة العملية، وللأسف لم يضعوا هذا المزج الفريد فى كتب يمكن الرجوع إليها".
وأضاف شعيب، فى مقدمة كتابه، "هذا لا يعنى طبعاً أن ما أقدمه فى هذا الكتاب هو الأفضل، ولكنى أولاً أعتقد أنه جهداً يسد فراغاً كبيراً فى مكتبتنا وفى الحياة الصحفية، وثانياً هو اجتهادى الشخصى، أى أن طرق الإنتاج الإخبارى الموجودة فى هذا هى اجتهادى الخاص، وقد يخطئ وقد يصيب. وقد يتمكن أحد زملائى من تقديم ما هو أفضل منه، لكنه فى كل الأحوال توثيق للطرق المهنية فى الإنتاج الصحفى"، متمنيا أن يكون الكتاب الجديد إضافة إلى مهنتنا العظيمة.