فرص "التصالح" باتت أقرب للاستحالة بين القبيلتين
الإدريسي كلمة السر في حل الصراع
شهدت أسوان أرض الطيبة أحداثًا مؤسفة بين قبيلتي النوبيين أو "الدابودية" و"بني هلال"، والتي راح ضحيتها العشرات من الطرفين.
وعلى الرغم من ذهاب العديد من المسئولين وعلى رأسهم إبراهيم محلب رئيس الوزراء، وعدد من الوزراء لحل المشكلة، إلا أن كل الجهود باءت بالفشل، ما يثير العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى الإجابة، ويأتي على رأسها:-
من هم طرفا الصراع؟، وما السر وراء فشل الصلح؟، وكيف يمكن الوصول إلى الصلح؟، كل هذه الأسئلة تحاول "البوابة نيوز" الإجابة عليها.
البداية:-
عندما جاء الفتح الإسلامي لمصر، اتخذ العرب من أسوان سكن، ويبلغ عدد العرب 50 % من إجمالى سكان أسوان الآن، وينقسمون إلى أكثر من عشر قبائل وأكبر قبيلة فيهم هي "الجعافرة" و"بني هلال".
والنوبيون هم سكان أسوان الأصليين، وينقسمون إلى قبيلتين، الأولى هي "الكنوز"، والأخرى قبيلة "الفجيكات"، ويبلغ عدد السكان النوبيين في أسوان تقريبا 30% من إجمالى سكان المحافظة، ويرجع تسميتهم بـ"النوبيون" إلى استخدامهم اللهجة النوبية.
ويمتد تاريخ "النوبيين" إلى قرية دابود، في محافظة أسوان، والذي تم تهجيرهم في أعقاب التعلية الأولى لخزان أسوان، وتوزعوا على عدة مناطق داخل المحافظة وتمركزوا فيها مثل السيل الريفى، وعزبة الحدود، وعزبة الدابودية في "القارور"، و"غرب أسوان"، والشيخ فضل.
الطباع:-
الدابودية هي أكبر قبيلة في "نوبيو الكنوز" الذين يشتهرون بعزة النفس، كما أنهم يتميزوا بعدم الرضوخ للحلول الوسط، ولا يمكن ردهم عن هدفهم، مهما كان الأمر، ولا ينكسرون إلا لكبرائهم وممثليهم في المجالس النيابية، وغيرها من المراكز المرموقة في الدولة، كما أن مقتل أحد أبناء دابود يمثل طامة كبرى لباقي أبناء القبيلة، مع العلم أنه لم يسبق لأبناء القبيلة الوقوع كطرف في صراع مع أي عائلات المحافظة.
أما قبيلة بنى هلال، فيرجع نسبها إلى بنى عامر بن معاوية بن هوازن بن منصور بن عكرمة، وهى قبيلة نازحة من شبه الجزيرة العربية، وتعتبر واحدة من أشهر وأكبر القبائل العربية التي هاجرت لشمال أفريقيا في بداية القرن الخامس الهجري، وتعرف في التراث الشعبي بـ"تغريبة بنى هلال".
وتعتبر قبيلتا بنى هلال، وعامر من أكبر القبائل العربية طيلة العصرين الأموي والعباسي، واستوطنوا مصر منذ ذلك الحين، وتحديدًا منطقة شرق النيل، وانتشروا في العديد من محافظات مصر، كقنا، وسوهاج، ومطروح، والبحيرة، وهناك صلة قرابة تربطهم بقبيلة أولاد على في محافظة مطروح، غير أن أكبر تجمعاتهم تتركز في أسوان وقنا.
الصدام:-
"النوبيون" أو "الدبودية" يختصون بثقافة مختلفة تمامًا عن "بني هلال" في كل شيء، ولم تنجح العقود الماضية في إزالتها.
"النوبيون" ينظرون لـ"بني هلال" دومًا باستعلاء ويرونهم دُخلاء، ويرو انفسهم أصحاب الأرض والسكان الأصليين، و"بنو هلال" يعتبرونهم في المقابل أقلية، لا يجب أن يقاسموهم خير الأرض، ولم يحدث أن تزوج أحد من الآخر أو حتى شارك في عمل أو تجاره.
الصراع بينهما كان دوما خفيًا، والمشكلة الآن هي أن فرص "التصالح" باتت أقرب للاستحالة، فعقيدة "الثأر" متجذرة وأصيلة لدى بني هلال كونهم من أصول عربية وأكثر عددًا وعدة، وكذلك الحال عند النوبيين كونهم من أهل الصعيد.
الحل:-
كما أشرنا في السابق إلى أن قبيلة الدبودية لا ينكسرون إلا لكبرائهم وممثليهم في المجالس النيابية، فيأتي حل أزمة أسوان هو قبول الطرفين بتدخل لجان الصلح العرفية من كبراء القبيلة، من خلال شخصية لها ثقلها عند قبيلة الدبودية، مثل السيد إدريس الشريف الإدريسي، "رئيس لجنة المصالحات وفض المنازعات الثأرية"، حكيم الصعيد، والذي قطع رحلته لدولة الكويت، وقرر العودة على أول رحلة قادمة للقاهرة، ومنها مباشرة لأسوان، لتدارك الكارثة والأزمة بين قبيلة الدابودية، وبني هلال.